مفهوم المقالة:

نص نثري محدود الطول يدور حول موضوع معين تظهر فيه شخصية الكاتب، ولها مقومات فنية تتمثل في المقدمة والعرض والخاتمة، وشرطها الأساسي أن تكون صياغتها أدبية سلسة تستهوي القارئ.

وفي تعريف آخر: قطعة نثرية قصيرة مكتوبة، تعالج موضوعًا محددًا بشكل متكامل يوصل للقارئ المفاهيم والمعاني والأفكار الأساسية المتصلة بالموضوع التي تمت معالجته فيها، ولا يزيد عدد كلمات المقالة على ألفي كلمة: أي حوالي مائتي سطر أو خمس صفحات، تتضمن مجمل الأفكار والآراء المرتبطة بالموضوع المستهدف بشكل وأسلوب يضمنان إيصال الرسالة التي يحملها المقال بوضوح وإيجاز.

أنواع المقالة:

للمقالة أنواع عدة، فالكاتب إما أن يكتب مقالة تدل على أفكاره هو، أو عواطفه وميوله الخاصة ويكون، محور الحديث فيها عن نفسه أو ذاته لذلك أطلقوا عليها اسم ( المقالة الذاتية )، وإما أن تكون المقالة طرح الموضوع أو قضية ودراستها وتوضيحها، أو بيان فحواها للقارئ بأسلوب علمي ودراسة واعية لا علاقة لميول الكاتب وعواطفه فيها ؛ لأنها تشترط أن يتخلى الكاتب عن عواطفه إذا أراد كتابة هذا النوع من المقالات ويسمّى ( المقالة الموضوعية ).

كما يمكن أن تنقسم المقالة بحسب أسلوب الكاتب إلى :أدبية وعلمية، فالمقالة الذاتية في جوهرها مقالة أدبية تعتمد على الألفاظ العذبة ،والمقالة الموضوعية في جوهرها مقالة علمية ،يعرضها الكاتب بأسلوب منطقي لا أثر فيه للعاطفة ولا الخيال .

 أولا: المقالة الذاتية (الأدبية ):

وهي التي تعبر عن عواطف الكاتب وأحاسيسه اتجاه مشهد من المشاهد أو حدث من الأحداث أو قضية من القضايا، وتعكس في وضوح وصراحة رؤية صاحبها الخاصة للموضوع الذي يتناوله. وتنقسم المقالة الذاتية إلى أنواع متعددة منها:

1-المقالة الاجتماعية: وهي تعالج مشكلة من المشاكل، وذلك بنقد العادات السيئة والتقاليد الضارة، والتنفير مما هو ضار والترغيب في النافع المفيد، ودور الكاتب فيه المشاركة فيما يدور حوله   من خلال ملاحظة الكاتب الدقيقة   والتأمل فيما يحيط بالجماعة التي يحيا فيها ، وتتسم هذه المقالة بالتهكم وبراعة الكاتب في السخرية من العادات التي تضر بالمجتمع .

2-المقالة الوصفية: وهذه المقالة تصور البيئة المكانية التي عايشها الكاتب تصویرًا ينم عن إحساس عميق وبصر نافذ وإدراك واع مع دقة الملاحظة والتعاطف مع الطبيعة كما تتراءى في نفسه بصدق وأمانة وإخلاص.

 3-المقالة الشخصية: وهي خير ما يمثل هذا النوع إذ أنها تعبير فني صادق عن تجارب الكاتب الخاصة والرواسب التي تتركها انعكاسات الحياة في نفسه، وهي في أحسن حالاتها ضرب من الحديث الشخصي الأليف والثرثرة والمسامرة والاعتراف و البوح .

4-مقال السيرة: وهي لون يترجم فيه الكاتب سيرة إنسان يعكس مدى تأثره به وانطباعه عنه، والكاتب في هذه المقالة يعتمد على حسن التنسيق وجلال التعبير حتى تبدو الشخصية الموصوفة كأنها تحدثنا فنعجب بها إذا راقتنا وننفر منها إذا ساء تنا.

5-المقالة التأملية: هي التي تخرج عن دائرة المجتمع فتشمل الكون والحياة والنفس الإنسانية وما يحيط بالإنسان من عوامل ومخلوقات؛ لتعرض مشكلاتها من وجهة نظر الكاتب، وتلونها بألوان نفسه هو دون التقيد بمنهج الفلسفة ونظامها المنطقي.

 

ثانيا: المقالة الموضوعية (العلمية):

وهي التي تسلك سبيل البحث العملي وتأخذ بشيء من منهجه من جمع المادة وترتيبها وتنسيقها وعرضها بأسلوب جلي، بحيث لا تقود القارئ إلى مجاهل التعميم والإبهام وتقسم المقالة الموضوعية إلى عدة أنواع منها:

1-المقالة النقدية: وهي التي يحلل فيها الكاتب مذهبا أدبيا تحليلا واعيًا معتمدا في ذلك على النظريات الأدبية السائدة، وتعتمد المقالة النقدية على قدرة الكاتب على تذوق الأثر الأدبي، ثم تعليل الأحكام وتفسيرها وتقويم الأثر بوجه عام.

2-المقالة التاريخية: وتتناول هذه المقالة التي تتناول أحداث التاريخ بالعرض، أو تتعرض لشخصيات تاريخية بالوصف ويعتمد الكاتب فيها على عرض الحقائق والأخبار والروايات عرضًا منظمًا، وعلى الكاتب أن يربط بين حلقات الواقع بخياله حتى يخرج منها بسلسلة متصلة دائمة.

3-المقالة الفلسفية: وتتعرض للشؤون الفلسفية بالتحليل، ومهمة الكاتب في هذه المقالة أن ينقب عن الأسس الحقيقية للموضوع، وأن ينظر نظرة إنسانية حتى لا تندثر قيمة مقالته بتقدم العقل الإنساني وتحدد مكتشفاته النظرية، وعليه أن يعرض مادته بدقة ووضوح حتى لا يضل القارئ سبيله في شعاب هذا الموضوع الشائك.

4-المقالة العلمية: هي التي تعرض نظرية من نظريات العلم ، أو مشكلة من مشكلاته عرضًا موضوعيًا صرفًا بأسلوب يتميز بالدقة في تحديد المفاهيم، يعتمد على الأدلة والبراهين والحجج القاطعة ،ويدعم في الغالب بالأرقام والإحصاءات والشواهد والتجارب، ووضع المصطلح العلمي في المكان اللائق.