يمثل الذكاء الاصطناعي أهم مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لتعدد استخداماته في المجالات العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والتطبيقات الطبية والتعليمية والخدمية وغيرها، حيث يتوقع له أن يفتح الباب لابتكارات لا حدود لها، وأن يؤدي إلى مزيد من الثورات الصناعية بما يحدث تغييرا جذريا في حياة الإنسان، إذ إنه مع التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع وما يشهده العالم من تحولات في ظل الثورة الصناعية الرابعة سيكون الذكاء الاصطناعي محرك التقدم والنمو والازدهار خلال السنوات القليلة القادمة، وبإمكانه وما يتبعه من ابتكارات أن يؤسس لعالم جديد يبدو الآن من دروب الخيال، ولكن البوادر الحالية تؤكد على أن ميلاد هذا العالم بات قريبا.
وقد بادرت بعض من الدول المتقدمة بالتطلع للمستقبل، بل والدخول إليه والتنافس على تقنياته والتصدي لتحدياته ووضع الحلول الناجحة له، وهذا ما يفسر توجه الدول الحثيث نحو الاستثمار في تفعيل تقنيات الجيل الرابع من الثورة الصناعية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها التنموية الطموحة باعتباره لغة المستقبل التي لا محيد عن إدراك أبجدياتها والقضاء على أميتها، واعتماد العديد من القطاعات الاقتصادية مثل الصحة والتعليم والخدمات والقطاعات الحيوية الأخرى عليه، وقدرته على تقديم الحلول للعديد من المشكلات، وتحقيق أرباح طائلة مع تطبيق استخداماته والاعتماد على ما يقدمه من معلومات واستشارات دقيقة، وتأثيراته الإيجابية في تقليل الاعتماد على العنصر البشري والعمالة، مما يرفع جودة المنتجات ويقلل من الإنفاق، ولتعزيز تطوير وتفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي قامت بعض الدول باتباع العديد من الآليات التنمية وتطوير الكفاءات العلمية المتخصصة والقدرات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي، وخلق ثقافة الذكاء الاصطناعي لدى فئات المجتمع لتسهيل انتشار استخدام التطبيقات التي تعتمد على هذه التقنيات وخلق المواطن الرقمي القادر على التعامل معها، وتعزيز تضافر جهود المؤسسات المختلفة للتوعية بأساسيات هذا المجال.
وفي المملكة العربية السعودية قررت اتخاذ زمام المبادرة نحو الذكاء الاصطناعي، عبر إصدار الأمر الملكي القاضي بتأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، لتكون الجهة الرسمية المسؤولة عن الأجندة الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة تحقيقًا لرؤية 2030 وأهدافها.