التعلم الجماعي:
في نهايات القرن العشرين، ومع تطور التكنولوجيا وثورة المعلومات، وأنتشار شبكات التواصل الاجتماعي، تغير مفهوم التعليم وأهدافه من تعديل سلوك الفرد، إلى خلق المعرفة الجماعية، التي تبنى بمشاركة الجميع ولا تنتقل من مصدر إلى آخر. ويتم بناء المعرفة من خلال التواصل والمشاركة في البحث العلمي والتفكير النقدي بين جميع المهتمين والمتخصصين في مجال معين. وهذا لا يعني تجاهل الدور السلوكي للتعليم، أو أنكار العمليات الذهنية والعقلية للأفراد، وأنما يوسع هذه العمليات ويدعم أنتشارها وتوسعها. حيث توضح الدراسات الحديثة في مجالات التعليم أن نجاح التعليم يتطلب بناء مجتمع المعرفة أولًا، وهو المجتمع المثالي للتعلم والتعليم، حيث يتم بناء المعرفة بتعاون ومشاركة الجميع، ثم يتم نشرها بين جميع فئات المجتمع وأخيرا ربطها بالواقع العملي المحيط وربطها بمقومات التنمية وتحسين مستوى معيشة الفرد(Siemens 2005 )
أسهم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في تحقُّق النظرية البنائية الاجتماعية في التعليم الحديث، ونقل مركزية التعليم من المدرب إلى المتدرب. حيث تنصُّ النظرية على أن الطلاب يتعلمون بشكل أفضل إذا تم إشراكهم في أنشطة جماعية تُساعدهم على التفكير النقدي والتحليل وإيجاد الحلول. ويقتصر دور المدرس على الإرشاد والتوجيه والتنظيم وتسهيل الحصول على المصادر. وأصبحت العملية التعليمية عملية تفاعلية ودائمة تحصل في ذهن الفرد، وتتغير بتغير العوامل والتجارب المحيطة (السابقة والحالية) والأشخاص من حوله. وأن التعلم و المعرفة تحصل بعد وصول المعلومة إلى ذهن المتعلم الذي يقوم بصناعة المعنى الشخصي الذاتي،بناء على تجاربه الشخصية ومفاهيمه الخاصة والواقع المحيط به، متأثرًا بالبيئة المحيطة به والمجتمع واللغة والمفاهيم الاجتماعية والثقافية المتبعة في مجتمعه. ولذلك يختلف المعنى من شخصٍ لآخر باختلاف البيئة المحيطة والتجربة العملية والعوامل الأخرى المحيطة.
وتؤكد نظرية التعليم الاجتماعي على أن الأفراد يتعلمون ويبنون المعرفة من خلال تفاعلهم مع تجاربهم في بيئتهم الاجتماعية، ومن خلال اتصالهم مع الأفراد الذين يتعاملون معهم في مجتمعاتهم، ويشاركونهم الأنشطة المختلفة. ولهذا فأن الفرد هو من يصنع المعرفة بالتعأون مع أقرأنه، أثناء محأولاتهم لفهم ثقافاتهم وقيمهم الاجتماعية والثقافية. وهي أشبه ببناء نسختهم الخاصة عن الحقيقة. ولذلك تصبح طرق بناء المعرفة متعددة ومختلفة. وهكذا أصبح التعليم الاجتماعي أكثر فاعلية من التعليم الفردي، كونه يساعد على بناء المعرفة وخلق التفاعل الإيجابي،وتنمية مهارات الاتصال، وتوسع مدارك الطلاب،وتطورمهاراتهم(Siemens 2005)
ولهذا، يؤمن التربويون المناصرون لهذه النظرية بأن الفرد يبني المعرفة داخل عقله، ولا تنتقل إليه من المدرب، كما أن هذا البناء المعرفي يعتمد على ما سبقه من خبرات شخصية ومعلومات ذاتية. ولهذا يصبح التعلم عبارة عن حركة بنائية ديناميكية توازي التطور النمائي للذات. وتصبح التجربة والمشاركة في خلق المعرفة أهم من التلقين المتبع في التعليم التقليدي القائم على النظريات السلوكية. وبهذا يصبح المدرب أحد المصادر التعليمية وليس المصدر الرئيسي، وتصبح المناقشة والمشاركة والتساؤل الوسيلة المثلى للتعلم.