ثانيا: العوامل المؤثرة في مناخ العمل:
يتكون مناخ العمل من مجموعة متغيرات تُحدث أثر مباشر أو غير مباشر، سلبياً أو إيجابياً على أداء العاملين داخل المنظمة، وبيئة العمل هي الوسيلة الرئيسة لتحسين أداء العاملين ورضاهم عن المنظمة، ويتوقف ذلك على ما يراه العاملون. فالإدارة الفاعلة هي التي تحرص على التعرف على هذه العوامل أو المتغيرات وعلاقتها بالمتغيرات الأخرى من وجهة نظر العاملين وهذا يسهم في الوصول إلى مناخ عمل نموذجي يتم من خلاله تحقيق الرضا الوظيفي.

ويمكن تقسيم العوامل المؤثرة على مناخ العمل إلى عدة عوامل، يمكن سردها فيما يلي:

1) العوامل الطبيعية:
ويقصد بها الظروف الطبيعية المحيطة بمكان العمل من إضاءة، وتهوية، ضوضاء، نظافة، وترتيب الأثاث بالإضافة إلى التجهيزات الفنية المساعدة في مكان العمل، والمساحات المكتبية من طاولات العمل، الموكيت، نظافة المكان، وعدد الموظفين في كل مكتب.
وهذه العوامل تؤثر على درجة تقبل العامل لمناخ العمل، وبالتالي على رضاه عن عمله ، كما تشير معظم هذه الدراسات إلى أن لسوء الظروف المادية ووضعيات العمل غير المريحة علاقة كبيرة بعدم رضاه وملاءمتها تؤدي إلى عدم إحساسه بالارتياح النفسي والرضا الوظيفي.


أ) الإضاءة:
تؤثر الإضاءة في بيئة العمل تأثيرًا كبيرًا على كفاءة وإنتاجية الموظفين، ووجود إضاءة جيدة في مساحة العمل أمر مهم، وفي بعض الأعمال يقضي الموظفون جزءًا كبيرًا من الوقت أمام الكمبيوتر، لذلك يمكن أن تؤدي الإضاءة غير الكافية إلى إجهاد العين والصداع والتعب، كما أن العمل في ظروف الإضاءة غير الكافية يسبب النعاس وقلة التركيز، ويسبب العمل في الإضاءة الخافتة الصداع. لذلك يجب أن تكون إضاءة المكاتب وكل مساحات العمل مشرقة وباردة، من أجل إبقاء الموظفين في حالة تأهب وتعزيز الإنتاجية في مكان العمل.


ب) درجة الحرارة: 
يُلزم القانون أصحاب العمل بتوفير درجة حرارة معقولة في مكان العمل، ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة عن 21 درجة، تحدث تأثيرًا ضارًا على إنتاجية العامل، ويصبح هذا الضرر ملحوظ إذا وصلت درجات الحرارة إلى 25 درجة.
كما أشارت إحدى الدراسات أن العمال الذين تعرضوا لدرجات حرارة باردة في العمل ارتكبوا أخطاء أكثر بنسبة 44٪، وكانوا أقل من نصف الإنتاجية من أولئك الذين يعملون في مناخ أكثر دفئًا. كما وجد علماء من جامعة شيكاغو أنه بمجرد ارتفاع درجة الحرارة فوق 27 درجة، تنخفض الإنتاجية بنسبة 4 ٪ لكل درجة مئوية، بحلول الوقت الذي تصل فيه درجات الحرارة إلى 33 درجة، تنخفض الإنتاجية إلى 85٪. كما يشكو العاملون في المكتب الذين يعانون من سخونة شديدة من الخمول وعدم القدرة على التركيز ونقص الحافز لإكمال المهام.


ج) الضوضاء:
كشفت الأبحاث أن التعرض لفترات طويلة لمصادر الضوضاء، يمكن أن يكون له تأثير بدني عميق على جسم الإنسان، وكذلك حدوث ارتفاعات في ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب. والعمل في ظل الضوضاء يجعل العمال غير قادرين على التركيز، ويزيد احتمال ارتكاب الأخطاء أثناء إكمال المهام.


د) الرطوبة:
تُسبب الرطوبة مشاكل في المناخات الأكثر دفئًا، المكاتب سيئة التهوية، والأماكن التي بها عدد عمال كبير بدون تكييف. تعتبر درجة الرطوبة المثلى للعاملين بين 30 و50٪، وإذا تجاوزت 50٪، سيبدأ العمال في الشعور بالنعاس والكسل.
مستويات الرطوبة العالية لها تأثير سلبي على الصحة الجسدية، يمكن أن تؤدي فترات طويلة من الرطوبة المفرطة إلى إفراز العفن للجراثيم، والتي إذا تناولها الإنسان يمكن أن تؤدي إلى تهيج العين والجلد، وفي أسوأ الحالات، التهابات خطيرة في الرئة.
وفي المقابل يمكن أن يكون للرطوبة المنخفضة تأثير سلبي أيضًا على الإنتاجية، يعاني العاملون في المكاتب الذين يعانون من هواء جاف بشكل استثنائي من جفاف العين والحكة والأنف والحنجرة وكذلك السعال والطفح الجلدي.


هـ) ثاني أكسيد الكربون:
وجدت دراسة أن مستويات ثاني أكسيد الكربون الموجودة بشكل شائع في الغرف المزدحمة، لها تأثير سلبي على الأداء المعرفي وقدرة صنع القرار على أولئك الموجودين في الغرفة. كما أن التعرض لـــ 2500 جزء في المليون من ثاني أكسيد الكربون أدى لارتفاع الكحول 80 مليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم. أيضا وجدت هذه الدراسة أن ارتفاع المستويات إلى 3000 جزء لكل مليون من ثاني أكسيد الكربون في غضون نصف ساعة، يسبب الصداع والنعاس وضعف التركيز وفقدان الانتباه، بالإضافة إلى زيادة معدل ضربات القلب والغثيان.