هناك اتفاق بين المهتمين بموضوعات الذكاء إلى وجود علاقة بين أنواع الذكاء، وبين نجاح الفرد في حياته المهنية، والثابت أن الذكاء العام بمفرده لا يضمن تحقيق النجاح، وإنما يحتاج إلى توفر مزيج من التعقل والمشاعر، بحيث يؤدي هذا المزيج إلى إحداث التناغم بين الانفعالات والتفكير، والتي يتحقق من خلالها نجاح الفرد في مجالات الحياة المختلفة.
والكفاءة المهنية التي يتصف بها بعض العاملين، لا يمكن إرجاعها فقط إلى الذكاء المجرد بالمعنى التقليدي للذكاء، بل أنّ هناك صفات ومهارات تتعّلق بالمشاعر والانفعالات ثبت توفرها لديهم.
يقول جولمان (1426) من المعروف للجميع أنّ من يتفوقون أثناء دراستهم، لا يكونون بالضرورة ناجحين ومتفوقين في مهنتهم الحياتية، فكثير ممن يكون معامل ذكائهم عالي يتعثرون ويفشلون ليس في حياتهم الأسرية وعلاقتهم بالآخرين فقط بل وفي مجال عملهم.
فالفرد الذكي انفعاليًا هو الفرد القادر على إدارة مشاعره وانفعالاته والتعبير عنها بطريقة فعالة وتمكنه من التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم. "ويذكر" انكيمان" أنّ العديد من الدراسات أشاره إلى أن الكثير من الشبان ذوي المؤهلات الواعدة فشلوا، وكان سبب فشلهم تدني معدل الذكاء الانفعالي لديهم وعدم قدرتهم على التواصل مع الآخرين، فالفشل غالبًا ما ينشأ عن أسباب عاطفية أكثر منها أسباب فنية أو مهنية "
وأظهرت إحدى الدراسات أن الذكاء الوجداني يرتبط ارتباطًا موجبًا بالتوافق المهني للمعلم، وأن "مهنة التدريس من المهن التي تقدم خدمات إنسانية، ويتطلب النجاح في تلك المهنة أن يؤدي المعلم أدواره المتعددة بكفاءة دون الشعور بعدم قدرته على السيطرة على انفعالاته، والإرهاق الانفعالي، ونقص الشعور بالإنجاز.
في حين تشير دراسة أخرى، أن الأفراد ذوي الفئات المتميزة في الذكاء، يميلون للعمل في مهن متميزة ومرموقة، فضلاً عن استيعابهم للتمارين والتدريب الذي تحتاجه هذه المهن.
وتختلف مستويات الذكاء باختلاف المهن التي يمارسها الأفراد، وهذا أمر طبيعي لأن مهنة الفرد تتصل بمستواه التعليمي، والذي له علاقة إيجابية بالذكاء، وكذلك هناك علاقة بين ذكاء الأطفال، والمستوى المهني للآباء وهذه علاقة إيجابية. كما أن نجاح الفرد في مهنة ما، وما تتطلبه هذه المهنة من استعدادات وقدرات وميول، إنما يعكس نوعا من التوافق المهني، عكس حال الفرد، إذا فشل في مهنة ما أو تنقل بين أكثر من مهنة.