ثالثًا: نظريات رواد مدرسة العلاقات الإنسانية:
أ) نظرية العلاقات الإنسانية "إلتون مايو":
نشأت في نهاية الثلث الأول من القرن العشرين، وهي تقوم على العديد من العوامل التي تؤثر في الإنتاج مثل: فترات الراحة أثناء ساعات العمل اليومي، وحجم العمل اليومي، والظروف المحيطة بالعملية الإنتاجية، وروح العامل المعنوية أثناء أداء العمل. وقد قامت هذه المدرسة بعدة تجارب على العمال، وقد خلصت إلى عدة نقاط يمكن اختصارها فيما يلي:
الحياة الاجتماعية السليمة بين العاملين ضرورية من أجل زيادة أدائهم وإنتاجهم،
إن العمل الصناعي هو العمل الجماعي، فالعامل ليس فرديا في المصنع، وإنما يتعامل ويعمل ضمن جماعات وأقسام،
إن حفظ إنسانية العامل والاهتمام به وصون كرامته وتقديره واحترامه، يساعد كثيرا في تعزيز حوافز الإنتاج في العمل.
ثالثًا: النظريات السوسيولوجية:
أ) إميل دوركهايم والمنظور النظامي للعمل:
خلص دوركهايم إلى ضرورة الفصل التام بين ظاهرة تقسيم العمل، وظاهرة التضامن الاجتماعي، وأن تاريخ الإنسانية شهد وجود نمطين من المجتمعات، أحدهما: "التضامن الآلي"، وهي المجتمعات التي يخلق فيها التضامن واقعًا من التشابه والتماثل بين أفرادها، وحدوث انتماء قوي يصل إلى حد ذوبان الأفراد واندماجهم مع الكل الاجتماعي، والآخر: التضامن العضوي" وهو يقوم على تقسيم العمل.
ويؤكد دوركهايم على ضرورة اختلاف المهام وتقسيمها بين أفراد المجتمع، وأن للتعاون دور هام في إضعاف مخاطر الصراع والتفكك المجتمعي.
ويرى دوركهايم أن العمل ظاهرة اجتماعية في أساسها لا تقتصر على المجال الاقتصادي فحسب، بل تتعداه الى مختلف نواحي الحياة الاجتماعية، كما تربط السوسيولوجية الدوركايمية ظاهرة تجزئة العمل وتقسيمه بمستوى التقدم الحاصل، حتى أنها تعتبر هذه الظاهرة سمة اساسية من سمات المجتمع الحديث الذي يتسم بتعددية جماعاته المهنية وتخصصية منظومة الاعمال فيه، ما يفرض على هذه الجماعات ضرورة الاعتماد المتبادل نتيجة التباين في الخبرات والتفاوت في القدرات.
ب) ماكس فبير والظاهرة البيروقراطية:
حدد ماكس فبير أسس البيروقراطية وخصائصها، معتبرًا أن قوامها الأساسي يستند إلى الشرعية، وذلك لاختزال البيروقراطية للعلاقات الاجتماعية الموجودة داخل نظاق العمل في علاقة بين وظائف مجردة تسمو على مجرد اتخاذها شكل علاقة بين أشخاص محسوسين.
وحدد فبير خصائص النموذج المثالي للبيروقراطية كالتالي:
• توزيع السلطة أي التسلسل الرئاسي لتحديد العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين.
• يتم اختيار الموظفين على أسس وقواعد ومعايير فنية.
• يعمل الموظفون في البيروقراطية بدوام كامل.
• يخضع الموظفون لنظام صارم وإشراف محكم أثناء قيامهم بمهامهم.
• الفصل بين مهام المسؤول داخل العمل، وبين حياته الشخصية خارجها.
• عدم ملكية عناصر التنظيم للموارد المادية التي يؤدون عملهم من خلالها.
ووضع ماكس فبير ثلاث أنماط للسلطة تتمثل، السلطة التقليدية، والسلطة المملوكة والسلطة القانونية.
ج) المنظور الماركسي:
يرى ماركس أن عملية الإنتاج تُعد خليط اجتماعي بين من يملكون رأس المال من جهة، ومن لا يملكون سوى قوة عملهم من جهة أخرى.
ويعتبر ماركس أن العمل هو نتاج الحياة الانسانية، وغايتها، وهو أيضا " عملية اجتماعية تنتج من التفاعل بين الناس ومن تعاون الافراد بعضهم مع البعض الآخر، فالأفراد في المجتمع ينتجون وينشطون تحت محددات وأوضاع مادية تعتمد على إراداتهم، فليس شعور الأفراد هو الذي يحدد وجودهم، ولكن على العكس من ذلك، فإن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد شعورهم، وهو يؤكد الاساس الاقتصادي الذي يقوم عليه المجتمع في كل مرحلة من مراحل تطوره.
ويرى ماركس أن تقسيم الشكل الوجودي للمجتمع الرسمالي الى طبقتين برجوازية وبروليتارية يقوم جانب مادي يتعلق بملكية وسائل الانتاج، التي تحدد مواقع الأفراد ومكانتهم الاجتماعية في بناء القوة داخل المجتمع، فإما ينتمون الى الطبقة المالكة المسيطرة أو الطبقة الخاضعة المحكومة والمسيطر عليها. وبالتالي فالبعد الاقتصادي هو المرتكز الاساسي الذي يحدد شكل العلاقة التفاضلية بين الاطراف المتصارعة وغير المتكافئة.